تمثيل النمر في الثقافة الإنسانيةلوحة
فسيفسائية من القرن الرابع ق.م تظهر
ديونيسوس وهو يمتطي نمرا، بلا،
اليونان.
نمور
جوليانو دي ميديشي المستأنسة، لوحة بريشة بينوزو غوزولي،
القرن الخامس عشر.
كانت النمور معروفة من قبل
البشر منذ عصور ما قبل التاريخ، فقد تم العثور على هياكل عظمية لنمور بالقرب من هياكل عظمية للإنسان في
صدع أولدوفاي بشمال
تنزانيا،
ومن المرجح أن هؤلاء البشر الأوائل كانوا يتبعون النمور إلى حيث خبئت
صيدها ويسلبوها إياه حتى يحصلوا على حاجتهم من اللحم، أو يقتلوها ويأكلوا
لحمها أيضا بحال لم تهرب، إذ أن طرد النمر المنفرد عن صيده أسهل وأقل خطورة
من طرد زمرة أسود أو عشيرة ضباع مرقطة.
برزت النمور خلال العصور القديمة في
فنون،
ميثولوجيا، و
فلكلور الكثير من البلدان التي قطنتها، مثل
اليونان القديمة،
بلاد فارس،
مصر،
فينيقيا، و
روما، بالإضافة لبعض البلدان التي
انقرضت منها منذ آلاف السنين مثل
إنكلترا.
كانت النمور تُشحن منذ عام 186 ق.م إلى روما لتشارك في الألعاب التي كانت
تقام في المدرجات كمصارعة أنواع أخرى من الحيوانات الغريبة عن
الرومان، ولإعدام المجرمين والعبيد على مرأى الناس، وكانت هذه النمور تأتي بمعظمها من
أفريقيا و
آسيا الصغرى. كذلك كانت النمور المستأنسة شائعة في
الهند،
بلاد الشام و
ما بين النهرين، وفي البلاط الإمبراطوري الروماني، كما امتلك
جون الأول ملك إنكلترا عددا من النمور كان يحتفظ بها في معرض وحوش في
برج لندن خلال
القرن الثالث عشر؛ وقرابة العام
1235 قدّم الإمبراطور
فريدريك الثاني، إمبراطور
الإمبراطورية الرومانية المقدسة، ثلاثة أفراد من هذه النمور إلى ملك إنكلترا
هنري الثالث.
[59] إن استخدام النمر اليوم كشعار لل
رياضة وللبلدان محصور تقريبا في إفريقيا، على الرغم من أن الكثير من المنتجات
والبلدان حول العالم تستخدمه اليوم أيضا كشعار لها، كما أن استغلال النمور
تجاريّا يُعد أمرا حديثا، فبعد أن ازدهرت صناعة الملابس الثمينة في عواصم
الموضة العالمية، ازداد الطلب على فراء النمور وكان من شأن هذا نشوء
سوق سوداء للمتاجرة بجلود هذه الحيوانات في البلدان الآسيوية بشكل خاص. تُستغل
النمور أيضا عن طريق الصيد والسياحة، حيث يقوم بعض ملاك الأراضي في
أفريقيا، والتي تعيش فيها نمور، بتقديم فرصة للسائح الأجنبي بصيد نمر على
أرضه واحتفاظه به كتذكار مقابل مبلغ من المال، وهناك أخرون قاموا بتحويل
مزارعهم إلى محميات طبيعية ليزورها السائحون ويشاهدوا النمور بحالة برية
طبيعية.
[عدل] في السياحةنمرة في محمية سابي ساند بجنوب أفريقيا بالقرب من سيارة سفاري، لاحظ مدى امكانية الاقتراب من هذه السنوريات في تلك المنطقة.
يُعد النمر أحد أكثر الحيوانات التي تصعب رؤيتها في البرية، على الرغم
من حجمه الذي يجعله واضحا للعيان، وذلك بسبب فرائه المرقط الذي يدمجه مع
بييئته الجافة وبسبب نشاطه بالليل وعاداته بتسلق الأشجار حيث يخفيه فرائه
عن العيون. تُعتبر محمية طرائد سابي ساند الخاصة للطرائد في
جنوب أفريقيا أفضل موقع لرؤية النمور في البرية، حيث تعد هذه
السنوريات معتادة على سيارات
السفاري ويمكن رؤيتها بشكل يومي على مسافة قريبة جدا. وفي
آسيا يُعتبر
منتزه يالا الوطني في
سريلانكا أفضل مكان لرؤية هذه الحيوانات، إلا أنه حتى في هذا المكان لا يُعد مضمونا
الإلتقاء بأي نمر لأن أكثر من نصف المنتزه مغلق أمام العامّة، مما يسمح
للنمور بأن تزدهر وتزداد أعدادها. ومن المواقع الأخرى المعروفة بنمورها،
منتزه ويلباتو الذي أعيد افتتاحه مؤخرا، في سريلانكا أيضا. تنتشر النمور بشكل واسع في
الهند، مما يؤدي إلى عدد من النزاعات مع البشر، ومن المنتزهات الوطنية التي يمكن رؤية النمور فيها بالهند، منتزهات
ماديا براديش و
أوتاراخند.
[عدل] في علامات النبالةشعار الصومال، يستخدم نمرين كدعامتين.
تُستخدم صورة الأسد الوديع "
passant" أو "النمر" كشعار في النبالة، حيث تظهر غالبا في مجموعات من ثلاثة.
[60] تفتقد نمور النبالة إلى الرقط وتحمل لبدة على أعناقها، مما يجعلها مماثلة
تقريبا لأسود النبالة، وغالبا ما يتم استعمال الإثنين بالتبادل. تظهر
شعارات الأسود أو النمور هذه على شعار
إنكلترا والكثير من مستعمراتها السابقة؛ أما اليوم فتظهر صور أكثر شبها بالنمور المرقطة على شعارات عدد من الدول الأفريقية مثل
بنين،
ملاوي،
الصومال،
جمهورية الكونغو الديمقراطية، و
الغابون التي تضع صورةً لنمر أسود.
[61][عدل] النمور آكلة الإنسان"نمر بانار" المسؤول عن مقتل 400 شخص، بعد أن قتله جيم كوربت عام
1910.
على الرغم من أن النمور كانت مفترسة
لرئيسيات منتصبة قريبة للإنسان العاقل، من شاكلة
القرد الجنوبي و
الإنسان الماهر،
[62] فإنها تتجنب البشر أغلبية الأحيان، إلا أنه يحصل أن تستهدفهم أحيانا أخرى. تفضل معظم النمور السليمة الطرائد البرية على
البشر،
إلا أن النمور الهرمة، المريضة أو المصابة، أو تلك التي تعاني من نقص في
مخزون طرائدها، تبدأ باستهداف الإنسان والنظر إليه كطريدة، وقد يعتاد البعض
منها على هذا الأمر مما يحولها إلى مصدر خطر كبير. ومن أشهر حالات النمور
مفترسة الإنسان، حالتين وقعت كلتاهما في الهند، الأولى كانت حادثة "
نمر رودرابراياغ" الذي قتل ما يزيد عن 125 شخصا على الأرجح، والثانية هي حادثة "
نمر بانار" الذي قتل ما يزيد عن 400 شخص بعدما أصابه صيّاد برصاصة جعلته غير قادر على صيد الطرائد الطبيعية.
[63][64] قتل كل من هذين النمرين على يد الصياد البريطاني
جيم كوربت.
[65] تُعتبر النمور آكلة الإنسان جريئة بالمقارنة مع السنوريات الطبيعية وحتى
آكلة الإنسان الأخرى، حيث أنها تدخل المستوطنات البشرية بحثا عن طريدة بشكل
متواتر أكثر مما تفعله الأسود والببور آكلة البشر.
[66] وصف الكاتب والصياد الهندي، كينيث أندرسون، الذي كان لديه خبرة مع النمور
مفترسة الإنسان، هذه الحيوانات على أنها أشد خطورة من الببور حيث قال:
| على الرغم من أن الأمثلة على هكذا حيوانات نادرة نسبيّا، إلا أنها عندما تحصل تُظهر النمر على أنه أداة دمار مساوية لقريبه الأكبر حجما بأشواط، الببر. وبسبب حجمه الأصغر، فهو يستطيع أن يخفي نفسه في أماكن يستحيل على الببر دخولها، كما أن حاجته للماء أقل بكثير، وفي الحقيقة يمكن القول أن به مسّ شيطاني يجعله مخادعا وجريئا، أضف إلى ذلك الشعور بالرهبة الذي يبعثه بالنفوس عند تنقله خفية وانسلاله عندما يهدده الخطر، مما يجعل أن لا مثيل له... |
|
—تسعة أكلة بشر وخبيث واحد، الفصل الثاني:شيطان غومالابور المرقط
|
تبقى النمور أقل احتمالا من أن تتحول لافتراس الإنسان من الأسود والببور
بسبب إمكانيتها البقاء عن طريق الاقتيات على الطرائد صغيرة الحجم فقط دون
الطرائد الكبيرة، على العكس من أقاربها. إلا أن النمور قد تُجذب إلى القرى
البشرية بسبب
المواشي و
الحيوانات المنزلية، وبشكل خاص
الكلاب، وقد تلجأ بعد ذلك إلى افتراس الإنسان إن تطلبت منها الظروف ذلك ولم يتوافر أي مصدر غذاء أخر.
[67][عدل] في الميثولوجيا والحضارة البشريةنحت لنمر في معبد أبولو،
ثاسوس، كافالا، قرابة العام 640 ق.م.
ينظر
البشر إلى النمور بطرق مختلفة عبر أنحاء موطنها الشاسع، فهي تارة تعتبر رمزا للأناقة و
النبل و
القوة، وتارة رمزٌ للخطيئة
الشر.
فالنمور هي شعار المحاربين والملوك في عدّة حضارات، بسبب ما تظهره من قوة
وشجاعة ودهاء أمام طرائد تفوقها حجما وأعداء أقوى منها بنية، ومن أبرز
الأمثلة على الدول التي لا تزال تنظر للنمر على أنه رمز مهم، دولة
بنين، حيث يُعتبر فراء هذه الحيوانات شعار أو علامة زعيم القبيلة. كانت علاقة البشر بالنمور في مملكة
داهومي (بنين حاليّا) قوية للغاية؛ إذ أن الملوك كانوا يقولون أنهم متحدون مع
النمر في جسد واحد؛ لذا فإن أبناء الشعب كانوا يطلقون على أنفسهم في بعض
الأحيان لقب "أبناء النمر". يسود اعتقاد عند
شعب الإيجبو أن الشخص عندما يموت، فإنه يولد مجددا على هيئة
فيل أو نمر بحال كان صالحا في حياته.
يظهر
الإله أوزيريس من
الميثولوجيا المصرية وهو يرتدي فراء نمر؛ لذا فقد كانت هذه الحيوانات تعتبر شعارا للإله حيث
كان الكهنة يرتدون الفراء كسمة مميزة لهم تدل على خدمتهم لمعابده. يبرز
النمر أيضا في بعض قصص
التوراة اليهودية، حيث تفيد أحد القصص أن
آدم و
حواء عندما هبطا من
الجنة كانا يرتديان جلد نمر وقع في وقت لاحق بيد
نمرود بن كنعان، الذي استخدمه ليدعوا الحيوانات البرية إليه عند الخطر، فأطلق عليه لقب "مروض النمور". وُصف النمر في
العهد القديم على أنه لاحم خطر لا يؤتمن له.
[68][69]تُصوّر
الأساطير والروايات الصينية الجانب الإيجابي من النمر عوضا عن الجانب الشجاع والمحارب الذي يظهر به في
أكثرية ميثولوجيا الحضارات الأخرى، فقد عُثر على أثار تحمل صورة هذا
الحيوان كشعار لها، حيث يبدو وهو يقف على 3 قوائم باسط لقائمة واحدة، كما
تظهر حيوانات النبالة على دروع الملوك والفرسان الأوروبيين من
العصور الوسطى، وبعض الدول اليوم. بقي اسم النمر مرتبطا بالحروب حتى المرحلة المعاصرة، حيث أعطي كاسم لنوعين من
الدبابات الألمانية:
ليوبارد 1 و
ليوبارد 2، ونوع من الدبابات الإسبانية:
ليوبارد 2 إي. يُعتبر الفيلسوف الإغريقي
أرسطو الوحيد بين العلماء والباحثين القدماء الذي لم ينظر إلى النمور نظرة
إيجابية كما فعل غيره، إذ أنه كان لا يراها على أنها حيوانات شجاعة وقوية
تفرض الإحترام، ففي إحدى مؤلفاته يضع النمر مع حيوانات أخرى توحي بالغباء
والجبن، وهي
الأرنب،
الفأر،
الضبع، و
الحمار.
كان النمر مصدر لأسماء حيوانات أخرى مرقطة برقط مشابهة له، ف
اليغور مثلا أطلق عليه المستكشفون البرتغاليون
للبرازيل اسم النمر الأمريكي في بداية الأمر، كذلك أطلق اسم
القرش النمري على أحد أنواع
القروش بسبب جلده المبرقش، و
الزنبق النمري على نوع من أنواع
الزنبق. وفي
اللغة العربية، يُطلق البعض على أولاده الذكور اسم نمر، ونمرة على البنت في بعض الأحيان.