وقفة مع النفس
هل سأل الإنسان نفسه يوما عن حقيقة حياته؟
هل خلق بلا معنى أو دون غاية؟
أم خلق لغاية ومعنى؟
هل حقيقة الحياة الأكل والشرب والزواج والأثاث والترقية والأولاد والترفيه؟
وكل ما فيه ضياع للعمر دون رصيد مدخر للآخرة، أم أن هناك ما هو أعظم؟
إن لكل آلة حقيقة ومعنى فحقيقة السيارة أنها توصلك لما تريد ومعناها الراحة، وكذلك الطعام والشراب حقيقته تقوية البدن ومعناه السلامة من الأمراض وقس على ذلك الكثير من شئون حياتك، والسؤال الصعب في معادلة الحياة السؤال الذي غفل عنه ملايين البشر وهو: ما حقيقة حياتهم ووجودهم وحقيقة موتهم؟ سؤال يحتاج لجواب لمعنى مقنع! السماء والأرض والكون كله سيفنى حقيقة علمية للشاك فيها! أينتهي كل شيء أهذا كل شيء! أيموت الغني غنياً
والفقير فقيراً؟
أيموت المظلوم مظلوماً والظالم تنقع يداه من آلاف البشر قتلاً وسرقةً وقهراً؟
أهذه حقيقة الحياة؟
أحقيقة الحياة ركضاً وراء شهوات الفرج والشهرة والأغاني والتقليد الأعمى لكل ساقط ولاقط أهذه سعادة تخرج بها من دنياك لتلقى بها مولاك؟ هل حقيقة الحياة وسعادتها ركضاً وراء الموضات وإنفاق الدولارات للسفرات والرحلات والسينمات؟
لا لن يترك الإنسان سدىً لن يترك عبثاً سيظل الإنسان يشقى بصنيعة يداه ويتألم في شكواه مهما ارتفع صوته ضحكاً وقهقهة فارغة، سيظل في خوف مستمر يترقب المصائب متزعزعاً مخفياً ألمه عبر الابتسامات للكاميرات والفيديو كليبات مادام أنه بعيد عن الإيمان وطاعة الرحمن مادام أنه بعيد عن السجود والقرآن والذكر الذي فيه الحياة الحقيقية، الحياة التي فيها قوة القلب وثباته في الأزمات والملمات الحياة الطيبة التي عجز الطب النفسي أن يجدها لمرضاه،
وأذكر طرفة حقيقية لرجل ذهب لمعالج نفسي واجتماعي دار الحديث عن مغني خليجي مشهور جداً يتعجب السائل للطبيب لماذا أراهم مبتهجين فرحين في أغانيهم قد زالت عنهم المشاكل وسمى المغني المشهور؟ فقال الطبيب المختص: والله إنه ليتعالج عندي وما رأيت أحد أكثر منه مشاكل ولكنه لا يظهرها للناس!
فطب يا عبد الله نفساً بطاعة الله، هذا الكلام حقيقي ومجرب يظل العاصي يهرب من ألمه بكل منكر صغير وكبير، بكل ألوان المجون حتى لا يتواجه مع نفسه بحقيقة المصير المنتظر، تحدث عن الموت فهل يسمعونك تحدث مواقف القيامة هل يلتفتون إليك فكثير ممن لا يحتملون آلام الشقاء الذي لا يعرف أكثرهم ممن طمس على قلبه مصدره ينتحرون لأتفه سبب بل مهما عظم إنهم في العالم بأعداد مهولة والمكتئبون كثير والمظهرين للمعاناة والتبرم وعدم الرضا أكثر، والمتعاطين للحبوب المهدئة حدث ولا حرج..
سيظل الإنسان يعاني إذا لم يكن يعرف جواباً لحقيقة وجوده ويشقى كلما كثرت ذنوبه ثم يذوق ثمار نتاجه إن خيراً فخير وإن شراً فشر.
والله المستعان على كل حال.