حكايات اغرب من الخيال في العيادة النفسية وهموم الناس ( الاضطرابات النفسية )
في اروقة عيادات الطب النفسي قصص وحكايات لا تخلو من الطرائف والغرائب, ابطالها اطفال او شباب او حتى كبار السن, ويعلق الاطباء النفسيون ان للحالات الغريبة والطريفة تحليلات نفسية وارتباطاً بالبيئة.
قصص غريبة
الشاب ع. أ. ن من جدة يتابع علاجه في احدى العيادات المتخصصة في الطب النفسي يقول:
عمري (15) عاماً, اعشق تناول اوراق صحيفة (عكاظ) واتلذذ في التهامها, واشعر بنكهة خاصة واشباع وارتياح, وعندما لا أكل الصحيفة اجد نفسي كالمجنون, اخذوني الى الطبيب المختص وهناك بدأت مرحلة علاجية بعد ان شخصوا حالتي.
الشاب خ. ف يبلغ من العمر (21) عاماً له يقول: منذ سنوات طويلة وانا اتناول الزجاج بكافة اشكاله والوانه ويعجبني الزجاج الخفيف لأن طعمه لذيذ, واكره الوجبات السريعة البيتزا والهامبرجر وغيرها, عرضوا حالتي على الاطباء الذين أكدوا انها حالة نفسية لا بد ان تخضع للعلاج وجلسات و فعلاً اشعر بارتياح شديد بعد ان بدأت العلاج وتناول الدواء الا انني مشتاق لتناول الزجاج في اي وقت, ولا اخفي سراً ان قلت انني بدأت في تناول الزجاج منذ سنوات طويلة وبعيداً عن انظار الوالدين.
الشابة ص. أ تبلغ من العمر 17 عاماً, منذ عامين وهي تأكل شعر رأسها بعيدا عن اعين اسرتها, استقبلها قسم الطوارئ في احد المستشفيات الخاصة بجدة وبعد اجراء التحليلات والاشعة اتضح وجود كمية تتجاوز (3 كجم) من شعر الرأس تسد المعدة, فتم استخراج كمية الشعر بالمنظار وسط اهتمام فائق بالحالة, والمفاجأة التي اذهلت الوالدين انهم لم يصدقوا ما حدث, ولم يلتفتوا يوماً الى ان ابنتهم كانت تتناول شعرها.
قصة اخرى لا تخلو من الطرافة بطلها طفل عمره (7) سنوات, يتلذذ في اكل بقايا الجدران من حجار وبوية, ولم يلاحظ والداه هذه المعاناة الا بعد سنوات فتم عرضه على الطبيب المختص الذي أخضعه لعلاج دقيق ودراسة نفسية لحالته.
التحليل النفسي
الطبيبة المعروفة منى بنت حمزة الصواف استشارية الطب النفسي بمستشفى الملك فهد بجدة والتي شخصت معظم مثل هذه الحالات تقول:
تعتبر هذه الحالة من الامراض المعروفة باسم متلازمة (بيكا سندروم) وعادة تصيب الاشخاص في مختلف الاعمار وخاصة الأطفال المصابين بقصور مستوى الذكاء, ووجود هذا المرض دلالة على خلل عضوي في المخ, وتعريفه هو ميل الشخص الى أكل الاشياء الغريبة (غير المتعارف عليها) بمعنى انها ليست مواد غذائية او اطعمة.
وتضيف د. الصواف في بعض الحالات يبدأ الشخص في تناول اشياء خطيرة مثل الزجاج ونشارة الخشب والمسامير والالمونيوم ولا يتألمو بالرغم انهم ينزفو الدماء, والسبب العلمي في ذلك ان الاحساس بالألم لديهم يكون مختلفاً عنه عند بعض الناس, وذلك قد ينتج عن مرحلة من التركيز الشديد جداً تشبه في تأثيرها مرحلة (التنويم المغناطيسي) ومثل هذه الحالات تثير الدهشة والعجب الذي قد يصل الى مرحلة التقليد من قبل وهنا تكمن الخطورة, حيث قد يلجأ بعض الاطفال او المراهقين الى القيام بتقليد هذه التصرفات بما ينتج عنه اصابات بالغة الخطورة مثل الغيبوبة (نتيجة المواد الضارة الخطرة) او تهتك في المعدة او المرئ او الامعاء وتشير د. الصواف الى ان علاج مثل هذه الحالات يبدأ بالتشخيص الصحيح لها, وقد يضطر الطبيب المعالج الى تنويم المريض لسببين هما:
أولاً: ملاحظته اكلينيكاً من قبل الفريق الطبي المعالج وتقييم مستوى ذكائه, واجراء بعض الفحوصات اللازمة مثل الرنين المغناطيسي للمخ وتخطيط المخ.
ثانياً: العلاج والذي يشتمل على:
وضع المريض في مكان آمن مع الحرص على ازالة كل ما يقع في يد المريض عليه والذي من الممكن ان يتناوله المريض, مثلاً اذا كان المريض يتناول الزجاج فيجب عدم اعطائه اكواب زجاجية حتى لا يلتهمها, والحرص على تغيير السلوك وتعديله واتباع ما يعرف بالخطة العلاجية التكاملية من النواحي العضوية والنفسية والاجتماعية, وقد يلجأ الطبيب في بعض الاحيان الى استخدام بعض العقاقير التي تساعد على التخلص منه او التخفيف من حدة الاعراض, مع الاهتمام بعلاج المضاعفات السلبية الناتجة عن التهام المواد الضارة. وتنصح د. الصواف بأنه يجب على الوالدين ومرشدي الطلاب في المدارس الاهتمام بأنظمة الوقاية والأمان مع الاطفال, وعدم ترك المواد الضارة قريبة من متناول الاطفال وخاصة الذين لديهم أو يعانون من مثل هذه الاضطرابات النفسية, مع الحرص على عرض الطفل مبكراً لدى الطبيب المختص وعدم التهاون لطلب العلاج والمشورة.