الروح تختار من تصاحب
طبيعة الإنسان هي شغفه بمعرفة الأمور الروحية فتجد أن شخص ما يميل روحيا اتجاه شخص آخر حتى يأتي سؤال يسأله احديهما ( الم نتقابل من قبل ؟ ) و كأن الأرواح تختار قبل أن يختار الشخص نفسه من يصادقه , تجد الميول واحدة , فهما يحبان القراءة , ويحبان التنزه , أو ممارسة رياضة محببة لهما يتشاركان فيها .
و عندنا أمثال عربية كثيرة تظهر شيئا مهما و هو عمق الصداقة الحقيقية بين الصديق و رفقائه , و من هذه الأمثال ( صحبك من بختك - من عاشر القوم أربعون يوما صار منهم - أنت و من تصاحب) و غيرها من الأمثال التي تدل على أن الصاحب من أخلاق صاحبه , و أن ألإنسان يصاحب من على شاكلته .
بعد وقت قليل من التعارف تذوب الفوارق و تصبح الأسرار شيئا مشتركا بينهم , فلا يكاد يفضي بسره إلى أبيه حتى يعلمه صديقه قبل أبيه , و الصديق هو كاتم الأسرار لصديقة و هو الذي يعلم كل كبيرة وصغيرة عنه و يكون مقربا إليه عن أخواته و أبويه, اذا لا بد أن يكون هناك رقابة مشددة من الأسرة على الابن , و أن يتم اختيار صديق لابنهم يكون على خلق و دين .
و لنا في رسول الله قدوة حسنة , فقد اختار الله سبحانه وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم أصدقائه و أصحابه و من سوف يبقوا رفقاء دربه في مسيرته العطرة , وكان اختيار الأصدقاء يتم بمعرفة الله سبحانه وتعالى و يهيئ لرسوله من يصاحبه و يكون له عونا و مساعدا مخلصا
و صديقا يستشيره في أمور الرسالة و أموره الخاصة أيضا .
فأراد الله أن يضرب لنا مثلا بأصدقاء وأصحاب رسول الله و كيف كانوا على قدر المسئولية فلم نجد منهم خائنا أو منافقا و لم نجد منهم سارقا أو زانيا أو قاتلا بغير حق , فقد كانوا قمة في الإخلاص و الوفاء ومنهم من ذكره الله في القران مثل : سيدنا أبو بكر الصديق فقد قال الله عنه (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْإِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُبِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىوَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40التوبة)
نلاحظ هنا قول الله ( إذ يقول لصاحبه ) هذه دلالة على أن من يصاحب رسول الله له من الغلاوة في قلوبنا الكثير , وله من الصداقة التي تجعله قريب من قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولقد امتدت الصداقة إلى نهاية الأجل .
هذا النوع من الصداقة المبنية على طاعة الله سبحانه وتعالى تدوم إلى الأبد
الناس تحاسبك على سلوك صاحبك فإن كان سيء وصمت به و إن كان حسنا وصفت به