· العواطفوحدها لا تكفي لإقامة علاقة زوجية ناجحة
· 75% من حالات زواج الحب تنتهي بالفشل
· 96%من حالات الزواج التقليدي تنجح
زواج الحب محكوم عليه بالفشل..والزواج التقليدي الذي يتم دون تعارف مسبق بين العروسين ينجح ويستمر. هذا ما أكدتهدراسة علمية صدرت مؤخرا من كلية الآداب بجامعة الزقازيق .
تقول الدراسة التي أعدها "د.إسماعيل عبد الباري" ـ أستاذ علم الاجتماع وعميد الكلية ـ إن ثلاثة أرباعحالات الزواج التي تمت بعد قصة حب فشلت تماما وانتهت بالانفصال بين الطرفين، أماالزواج الذي يتم عن طريق الخاطبة أو الأقارب والأصدقاء والجيران فإن نسبة نجاحهتتعدى 95%..
يؤكد د. إسماعيل عبد الباري فيدراسته عن "أسس الفشل والنجاح في العلاقات الزوجية" أن الحب وحده لايكفي لنجاح الزواج، ولذلك كان الفشل نتيجة حتمية للزواج بعد قصة حب عنيفة، بينماكان النجاح أمرا طبيعيا في حالات الزواج التقليدي الذي يتم عن طريق الأهل والأقاربوالأصدقاء للتوفيق بين رأسين في الحلال.
وقد أجرى الباحث الدراسة على عينةمكونة من 1500 زوج وزوجة، ووجد أن نسبة زواج الحب عموما لا تزال محدودة في المجتمعالمصري حيث لا تتجاوز 15% فقط من جملة حالات الزواج التي تتم سنويا.
وبالرغم من قلة هذه الحالات فإنها لاتكلل بالتوفيق وإنما يفشل أكثر من 75% منها، أما الزواج التقليدي فتصل نسبة نجاحهإلي 96% .
ويؤكد الباحث أن هناك أسبابا عديدةتقف وراء هذه الظاهرة المثيرة، من بينها أن زواج الحب يقوم غالبا على عواطف ملتهبةوجياشة، والعواطف لا تكفي وحدها لإقامة علاقة زوجية ناجحة ومنزل مستقر؛ لأن هناكعوامل أخرى عديدة للنجاح، كما أن زواج الحب ينقصه التعقل والتريث والاتزان، ويغلفهالاندفاع واللهفة والكذب. والكذب هنا يعني الانجذاب للمظهر دون الجوهر، والمبالغةفي تقويم كل طرف للآخر ورؤيته في صورة مثالية. فالعاشقون يحلقون في الفضاء ويبنونقصورا في الهواء، وفي حين يعتقد البعض أن المشاعر كفيلة بنجاح العلاقة الزوجية إلاأنالأيام تثبت خطأ هذا الاعتقاد، ويأتي الزواج بمسؤولياته وهمومه وأعبائهومشاكله اليومية، ومع أول عقبة يواجهها الزوجان مثل اختلافهما على نوعية الطعامالذي يفضله كل منهما أو تحمل أعباء تربية الأبناء وغير ذلك.. يشعر كلاهما بالخطأوبأنه خدع في عواطفه وأحاسيسه. والإنسان يحزن جدا عندما يخدعه شخص عزيز عليه حيثقد تصل الأمور بينهما إلي حد القطيعة. وهكذا تتحول الصورة المثالية التي رسمها كلطرف للآخر إلي صورة أخرى باهتة لا لون لها ولا رائحة، ويتحول الحبيب من إنسان ترغبفي رؤيته كل يوم إلي شخص لا تود النظر إليه ولو لثوان معدودات.
وإذا كان الزواج قد بدأ بالعباراتالانفعالية والعاطفية، فإن هذه الكلمات يجب أن تتحول إلى واقع عن طريق الاهتمامبالمنزل والأولاد والكفاح من أجل الحاضر والمستقبل. أما إذا ظل الحب مجرد كلاموعواطف ملتهبة في الصدور فإن الزواج سوف يفشل إن عاجلا أو آجلا .. لذلك يجب أن يضعالزوجان صورة متوازنة لعلاقتهما تجمع بين الرومانسية والمسؤولية.
يرى الدكتور فوزي عبد الغني ـ أستاذالاجتماع بجامعة جنوب الوادي ـ أن أحد أسباب فشل زواج الحب هو: عدم رضا الأهل عنهأحيانا، فالأهل ينظرون للعلاقة بين الطرفين من جميع الجوانب.. ولذلك يشعرون أن هذاالعاشق لا يصلح للزواج من ابنتهم.. أو أن تلك المحبة الولهانة لا تصلح لإقامة أسرةومنزل، لكن العاشقين يشاهدان الصورة من جانب واحد فقط وهو الحب الذي يظلل علاقتهما،ويصران على الزواج ويوافق الأهل رغما عنهم.. وبعد الزواج يكون المحك الأساسي هوتحمل قسوة الحياة المادية.. فرد الفعل على هذه القسوة هو الذي يحدد رضا كل طرف عنصاحبه.
أما الدكتور يسري عبد المحسن ـ أستاذالطب النفسي ـ فيرى أن الزواج التقليدي احتمالات استمراره مؤكدة، حيث يكون هناكتوافق في وجهات النظر للأسرتين معا في مختلف النواحي. أما زواج الحب فقراره فردي؛لأن الشخص لا يضع في حسبانه أية ضوابط.. وقد لا توافق إحدى الأسرتين.. وعادة يتمالزواج في عجلة من الزمن، ونسبة النجاح هنا أقل.. ومن وجهة نظري فإن من أهم مقوماتالزواج الناجح التوافق بين الشريكين، وأن يكون التوافق ليس على مستوى الفردين فقطوإنما على مستوى الأسرتين.
بينما يرى الدكتور سيد صبحي ـ أستاذالصحة النفسية ـ أن الحب المقنن إفرازه الطبيعي هو الزواج الناجح، ولا تقوم تجربةالزواج إلا على أرضية من التفاهم والود والانسجام، وكل هذه عوامل تدعم وتؤكد وتشكلالتجربة، والحب ضروري وسياج متين للزواج.. وإذا لم يقم الزواج على حب لا يمكنأن تبني الأسرة المتينة.. فالأبناء يتجرعون الحب من المعاملة القائمةعلى الحب بين الوالدين، ويتعلمون فنون الحب من سلوكياتهما، والحب نتاج تصرف عاقلوحرص من الآخر، وهو المدخل الطبيعي لبناء تجربة الزواج.. ومدخل الحب أن يجهزالخطيب نفسه لخطيبته وأن تجهز الخطيبةنفسهالاستقباله.. والإفراز الطبيعي لذلك هو الزواج. وأحذر أن يتصور أحد أن الحب هو ترخصأو تدن أو خروج عن الشرع والسائد المألوف من الأعراف والقيم.. ولذلك يفشل الزواجالقائم على الحب الرخيص.
أما الدكتور إبراهيم عبد الدايم ـ أستاذعلم الاجتماع بجامعة الإسكندرية ـ فيقول: يؤسفني أن أقول إن هذه الدراسة والنتيجةالتي انتهت إليها خاطئة.. فمن غير المعقول أن يفشل أي شيء قائم على الحب، فالطالبلا ينجح في دراسته ولا يتفوق فيها إلا إذا أحبها.. والعامل لا يجيد في صنعته إلاإذا أحبها، والحب أساس الحياة وبهذا الحب نعبد الله عز وجل ونحب الوطن، وبهذا الحبنتزوج ونربي أبناءنا ونحنو عليهم حتى وهم كبار.. فلا حياة بدون حب ولا إيمان بدونحب.
ومادام الأمر كذلك فإن الزواج الذييقوم على الحب يتوقع أن يكون زواجا ناجحا بكل المقاييس السابقة.. وقد أثبتت الأيامصحة ذلك.
وبالحب بين الزوجين تتذلل كل الصعابوتنتهي كل المشكلات، وليس معنى هذا أننا ندعو إلي الحب والغرام قبل الزواج، بلنتحدث عن قيمة قد توجد قبل الزواج وتتم به، وقد توجد في فترة الخطوبة، وقد توجدبعد الزواج.. أما فكرة الحب لذاتها وبدون زواج فهي مرفوضة ومحرمة بين الجنسين؛لأنها حينئذ حب شهواني.. حب لغرض موقوت.. حب رخيص.. وهذا هو الذي ينتهي بالفشل إذاتم الزواج على أساسه.. فإذا انتهى الغرض منه انتهى الزواج ووقع الفشل.