كان يا ما كان في قديم الزمان رجل وزوجته وأولاده يعيشون في بلدة ويملكون ثروة كبيرة عبارة عن أراضي ومعادن ومياه وحيوانات نافعة .
وفي احدي الليالي الظلماء قامت احدي العصابات كثيرة العدد والعتاد بسرقة ونهب ممتلكاتهم .
ازدادت العصابة عددا وتكونت لديهم الأحلام والآمال لامتلاك مظاهر الترف والرقي القادمة من بلاد العجم المحتاجة للأموال والثروات الذين سمعوا عن العصابات المحلية وكم الأموال التي ينهبونها من تلك الأسرة المنكوبة ما دفعهم لمشاركة تلك العصابة العربية فيما تقوم بنهبه وسرقته وتقسيم المسروقات فيما بينهم .
ودائما ما هدد رئيس العصابة الأعجمية نظيره العربي بأنه ان لم يفتح له المزيد من مناطق النفوذ والنهب سيقوم بالإغارة عليه وعزله من الكرسي هو ومن معه من الأتباع وسيتعاون مع معارضيه بدلا منه وسيضع واحدا منهم مكانه .
في احدي ساعات العصاري وبعد الانتهاء من تحديد أسعار السلع التي ارتفعت بصورة كبيرة قام رئيس دار الضرائب بمساعدة قوة من دار أمن العصابة العربية المحلية بالهجوم علي البلدة وتجريد الرجل المسالم واسرته من ملابسهم الحريرية الفاخرة وتركوهم بملابسهم الداخلية بحجة حمايته من العصابة الأعجمية .
لم يعترض الرجل وأسرته رغم هيئتهم المهينة بملابسهم الداخلية واقنع نفسه وأسرته بأن الوضع الجديد وحياته بدون ملابس خارجية نوع من التصوف والزهد في الحياة فهم لا يرغبون الا في الحياة الآخرة وهو أفضل من معاناة هجوم العصابة الأعجمية !!
حدثت أزمة تجارية مابين تجارة جزيرة العرب وأراضي الروم وتعطلت حركة تدفق السلع والأموال والأخبار أيضا
وأصبحت العصابة تحتاج لمزيد من الأموال والملابس لذا اتجهوا أول ما شعروا بذلك الي الرجل .
ووجدوه قائما علي سجادة الصلاة يصلي بملابسه الداخلية وبعدما انتهي من صلاته أمره رئيس الجند ورئيس دار الضرائب بخلع ملابسه بالكامل وحاول المسكين أن يقاوم الا انه تعود علي الرضا فهو لا يريد الا الآخرة وبالفعل بدا هو وأولاده وزوجته كما ولدتهم أمهاتهم !!
واقبل بعضهم علي بعض يتشاورون وقال قائل منهم " الملابس الداخلية حق يكفله لنا الدين لابد من ان نطالب بحقوقنا " فلاقي ذلك تصفيقا حادا .
بالفعل خرجوا من دارهم وتجمهروا جميعا أمام دار الندوة معقل الاجتماعات وكبار قيادات العصابة التي يتم فيها توزيع مناطق النفوذ علي الأعضاء ويتم تشريع القوانين التي لاتخدم الا تجارة النخب وذوي الأموال والدنانير الكثيرة اصهار واقارب العاملين في دار الضرائب ودار الامن ودار الندوة .
صاحوا جميعا : نريد ملابسنا الداخلية نريد ملابسنا الداخلية !!
خرج لهم رئيس العصابة بعدما انتهي من توزيع المغانم والمسروقات وإنهاء جلسته مع نخبة السارقين .
وعندما رآه أولاد الرجل أشاروا إليه بالبنان وحسبوه القاضي الذي لا يرضي بالظلم علي الإطلاق ولا يعلم ما تفعله العصابة بهم !!
وأشادوا به وهتفوا إليه قائلين " بالروح يالدم نفديك ياريس.. أعطنا ملابسنا الداخلية"
استغرب الرئيس كثيرا كيف صمتوا حتى نزعت ملابسهم من علي أكتافهم وتركهم عدة أيام ثم قرر إرجاع الملابس لهم
وفرح الجميع بهذه الملابس الداخلية البالية .
وشعروا بنوع من العدالة فهتفوا لرئيس العصابة وأشادوا بحكمته !!
باتري هل لهم الحق فعلا في استرجاع ملابسهم الداخلية ؟؟
هل لهم الحق في استعادة ما سرق منهم ؟؟
هل دينهم أمرهم بالصبر حتى لو وصل الأمر إلي تعريتهم من ملابسهم وحقوقهم البشرية كاملة ؟؟
هل نسوا حديث النبي محمد صلي الله عليه وسلم الذي يقول فيه ( من مات دون ماله فهو شهيد ومن مات دون عرضه فهو شهيد ومن مات دون ارضه فهو شهيد ) ؟
إذا شعرت بأن هذه القصة لها وجه شبه بواقعنا فماذا آنت فاعل ؟
هل ستطالب أنت أيضا بملابسك الداخلية وحقوقك وممتلكاتك المنهوبة ؟؟