ahmed shepl مشرف قسم
انا من بلده : cairo عدد المساهمات : 139 نقاط : 25878 السٌّمعَة : 16 تاريخ التسجيل : 25/11/2010 العمر : 34
| موضوع: مصر الخاسر الاكبر من انفصال الجنوب عن الشمال في السودان السبت ديسمبر 18, 2010 7:28 am | |
| الدور المصري واللعب في الوقت الضائع !!
مصر لا تزال تمتلك أوراق ضغط تمكنها من تغيير التوجه الانفصالي في الجنوب للوحدة
قلنا في الحلقة السابقة أن مصر خاسرة مائيا في كل الأحوال لو أنفصل الجنوب ، وهو ما يتطلب سرعة التحرك ولو في الوقت الضائع علي اعتبار أن المهلة المتبقية من الاستفتاء في الجنوب هي شهرين فقط ، تضاف لها فترة ستة أشهر مهلة لترتيب أوراق الجنوب قبل إعلانه دولة مستقلة رسميا ،وفق اتفاق سلام نيفاشا .
ولكن لو افترضنا أن مصر تلعب حاليا في الوقت الضائع (شهرين علي استفتاء جنوب السودان ) لتلافي خسائر – مائية وأمن قومي – فما هو الدور المطلوب منها ؟!
هنا يطرح البعض من الخبراء والسياسيين ما يعتبره (أخطاء مصر) في عدم التدخل بقوة في السودان بنفوذها السياسي والاقتصادي لعدم الوصول لهذا المأزق الحالي أو التعامل مع أضراره ، أو تأخرها بمعني اصح لمنع الأضرار المترتبة علي اتفاقية تقرير مصير الجنوب التي تحفظت عليها مصر من البداية ولكن الدور المصري في التفاوض كان "ضيف شرف" خلالها ، ربما لأنه غير راض عما جري ، ولكن أنتهي الأمر بموافقة حكومة السودان علي الأتفاقية تحت الضغوط الأمريكية وفي ظل غياب العرب ووجب الآن التعامل مع ما خلقته الاتفاقية من أضرار بصورة أكثر حسما .
هذا الفريق من الخبراء والمسئولين ، يري أن الجهود والدور الذي لعبته مصر لمنع انفصال الجنوب عبر الاستثمار (نصف مليار جنية مشروعات) والاحتضان السياسي لقيادي الحركة الشعبية ، كان دور كبير ومقدرا ، ولكن المشكلة أكبر من دور مصر أو مما يسمي زورا بـ"الإرادة الشعبية" لأهالي الجنوب في الانفصال .
ويرون أن الأمر يتعلق بنوايا ومخططات أمريكية وإسرائيلية مسبقة معدة للسودان ، وما الحركة الشعبية سوي "لعبة" في يد الغرب لو شاء أمرها بإخراج الاستفتاء لصالح الوحدة ولو شاء أمرها بأن تجعل نتيجته الانفصال !.
فالصفوة الجنوبية الحاكمة الحالية من الحركة الشعبية لا علاقة لها بالأرض في الجنوب وأسرهم تعيش خارج الجنوب وليس لهم أي صلة عضوية بالجنوب، فأموالهم في بنوك أجنبية وأولادهم في مدارس خارج الجنوب والموضوع بالنسبة لهم أجندة خارجية وطموحات شخصية!.
ولكن فريق أخر يري أن مصر ومعها الدول العربية- لم يلعبوا بعد بقوة بأوراق هامة في الجنوب ، وأن تأخرهم في استغلال هذا ولو في الفترة المتبقية علي الاستفتاء ، سيضر مصر قبل غيرها بهذا الانفصال المرتقب ، ويرون أنه لا يزال هناك فرصة للعب مصر والعرب دورا في تشجيع وإقرار هذه الوحدة برغم أن أوراق مصر في السودان تأثرت كثيرا لتأخرها في لعب دور بشأن الوحدة، "حيث كان جزء من تعامل مصر مباشر مع الجنوب ولم يكن يمر عبر الخرطوم الأمر الذي أعطي شعورا لحكومة الجنوب آن مصر راضية عما يجري وإنها تتعامل "حكومة مع حكومة"، وكان يمكن لمصر أن تلعب دورا اكبر من خلال التنسيق الكامل مع الخرطوم " بحسب ما يري بعض الحزبيين السودانيين .
الأوراق الرابحة
أما بعض هذه الأوراق أو الكروت التي لم تلعبها مصر بصورة أقوي مع الجنوب ،كما يقول هذا الفريق من الخبراء والمسئولين ، فتتعلق بالضغط علي الجنوبيين الذين تعلموا في مصر وبعضهم الآن في مراكز متقدمة جدا في الجنوب في مختلف المجالات ، وبلعب دور أخر في التدخل لدي أمريكا والغرب – كما فعلت القاهرة في قضية المحكمة الجنائية للرئيس البشير – ومناقشة خطر انفصال الجنوب علي أمنها مباشرة وضرورة منعه، ضمن سياسية تبادل المصالح بين الطرفين .
وخصوصا أن هناك فريق في الإدارة الأمريكية الحالية بات مترددا بشان قبول وتشجيع مسألة فصل الجنوب ، ويخشى لو حدثت أن تتعاظم قوي السلفية الجهادية التي تعتنق فكر تنظيم القاعدة في السودان وأفريقيا ما يشكل مخاطر أكبر علي المصالح الأمريكية في أفريقيا ككل !.
بعبارة أخري ، مصر لا تزال تستطيع أن تلعب دورا من خلال وضع يدها في يد السودان من خلال الأوراق الرابحة أو الخطوات العملية التالية :
1- مصر تستطيع الآن أن تلعب دورا في مخاطبة وجمع المعارضة الشمالية وان تجعلها في مركب واحد مع الحكومة ضد المخاطر التي تحيط بالسودان وهويته الحضارية العربية الإسلامية في ظل انفصال الجنوب المرتقب والتكالب الغربي والكنسي المرتقب علي الجنوب.
2- تستطيع مصر الضغط علي حركات تمرد دارفور ، والسعي لإنجاح مساعي الخرطوم في إبرام اتفاق سلام في دارفور قبل استفتاء الجنوب لتنزع ورقة ضغط غربية (وفي يد الحركة الشعبية الجنوبية أيضا) ، علي السودان ، والتنسيق مع ليبيا لإبقاء خليل إبراهيم هناك وتجميد نشاطه ليصبح (أبو الهول) ، مع تشجيع مفاوضات حركات التمرد في قطر بعيدا عن التنافس معها (قطر) لصالح الأمن القومي العربي ، بدلا من إضعاف منبر الدوحة – كما يتهم البعض مصر - والذي له دعم دولي وإفريقي ، وبالتالي تعطيل تسوية دارفور وإضعاف الخرطوم أكثر ، والذي هو إضعاف لمصر بالضرورة ! .
3- الحديث المباشر مع أمريكا ،حيث يمكن لمصر أن تلعب هذا الدور لصالح السودان ، فالموقف الرسمي الأمريكي ليس مع الانفصال خشية تضرر مصالحه هناك وخلق بيئة صحية لانتشار تنظيم القاعدة ، ولكن اللوبيهات الأمريكية والصهيونية ، استطاعت أن تشكل قوة ضغط تؤيد فكرة انفصال الجنوب ، برغم أن ما يخرج من المؤسسات الرسمية الأمريكية يؤكد أن الجنوب لن يكون منطقة أمنة ، فأمريكا لا تريد الانفصال رسميا لان هذه المنطقة التي تمتد مع حزام الصومال وكينيا وأوغندا وإثيوبيا ملتهبة ،ولها جوار شمالي وشرقي مع منطقة ملتهبة ولو اشتعلت ستحرق كل منطقة البحيرات وأول من سيدفع الثمن هو الغرب وأمريكا لان هذا هو الممر الأمن حاليا لمرور النفط ، وهو يبحثون الأن عن ممر بديل ولكن توفيره يحتاج إلي 10 سنوات وبالتالي فهذه المنطقة هامة جدا لهم .
4- الحوار الجنوبي الجنوبي الذي جري في جوبا الشهر الماضي (أكتوبر) أعطي إشارة مهمة ، هي الاتفاق علي أنه في حالة الانفصال رسميا يوم 10 يونيه – بعد 6 شهور من استفتاء 9 يناير 2010- ستنشأ "حكومة قومية" برئاسة سلفاكير ويتم حل الجيش الشعبي وتكوين "جيش قومي" ، وهاتين القضيتين سوف تحركان الجنوب خلال الشهرين القادمين في اتجاه الوحدة (!)، فالجيش الشعبي (جيش قبيلة الدينكا بالدرجة الأساسية) حينما يدرك انه سيتم حله لتشكيل جيش قومي في الجنوب من كل القبائل الجنوبية، فهذا معناه عزل قادة كبار في هذا الجيش وفي الحركة الشعبية في 10 يوليه ، وهو ما سيدفع هذه القيادات التي ستجد نفسها علي الرصيف لإعادة الكثير من أوراق اللعب وتغيير توجهها "الانفصالي" لصالح (الوحدة) علي أمل أن تستمر الحركة الشعبية في السلطة والجيش ، ومصر يمكنها أن تستفيد من هذا الحوار الجنوبي وتعزيز هذا التوجه الوحدوي .
ويبدو أن القاهرة تدرك مع قرب انتهاء مهلة اقتراب موعد الاستفتاء أن تدخلها هذه المرة يجب أن يكون قوي وبهدف تلافي مخاطر وقوع حرب بين الشمال والجنوب تؤثر علي أمنها القومي ، أو ظهور دولة انفصالية تشكل خطرا علي أمنها المائي الحيوي الذي هو خط أحمر .
وهو ما عكسته الزيارات المكوكية لوزير الخارجية أحمد أبو الغيط والوزير عمر سليمان لشمال وجنوب السودان ثم واشنطن وغيرها من اللقاءات ، وطرح مبادرات متلاحقة لتلافي ضرر الانفصال مثل تأجيل الاستفتاء لحين التوصل لحلول لكل المشاكل العالقة ، أو فكرة (الكونفيدرالية) للإبقاء علي شعره معاوية بين أوصال السودان التي سيقطعها الاستفتاء .
أيضا بدأت مراكز بحثية قريبة من الأوساط الرسمية المصرية – مثل مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام - تطرح بدائل ما بعد انفصال الجنوب تتعلق أكثر بالتركيز علي بناء حائط صد جديد لحماية أمن مصر من الجنوب ولكن هذه المرة في شمال السودان ، فضلا عن طرح خطط – مثل خيار الكونفيدرالية – لتخفيف حدة هذا الانفصال وتوفير أجواء هادئة تمنع الاقتتال بين الشمال والجنوب .
من ذلك ما طرحه الدكتور عبد المنعم سعيد رئيس المركز في صحيفة الأهرام 8 نوفمبر 2010 بعنوان (نظرة أخري علي المسألة السودانية) ، يطرح فيه فكرة أن يكون : ( شمال السودان, أو دولة السودان الشمالية .. مركز حركتنا الإستراتيجية والتنموية ) دون أن يعني ذلك أبدا تناقضا بالضرورة مع الجنوب الذي سوف تظل لمصر روابط ووشائج فيه .
أما سبب دعوته للتركيز علي شمال السودان فهو :
1- أن حقيقة الجوار الجغرافي المباشر تفرض نفسها سياسيا واستراتيجيا علينا لأنها سوف تكون (دولة السودان الشمالية) دولة المعبر ليس فقط للمياه بل أيضا لحركة اللاجئين والإرهاب والأفكار المتطرفة".
2- أن "دولة السودان الشمالية هي من الناحية الجغرافية ممتدة في العمق الأفريقي المقرب من منابع النيل والواقع علي نقاط التماس المباشر مع الدول الأفريقية الشقيقة" .
3- أن شمال السودان, والذي تزيد مساحته بكثير عن مساحة مصر, يحتوي علي إمكانيات زراعية واقتصادية هائلة تحقق تكاملا طبيعيا مع الطاقة الصناعية المصرية.
المطلوب من مصر بالتالي أن تكثف حركتها لإنقاذ أمنها القومي وأمن البوابة الجنوبية العربية القومي الذي يشهد تكالبا أمريكيا وصهيونيا كبيرين ، وحسنا فعلت بتكثيف تحركاتها عبر الوزيرين أبو الغيط وعمر سليمان ، بخلاف ما هو غير معلن، فلو لم تتحرك بسرعة وتلعب هذا الدور بقوة وحسم كما توحي تحركاتها حاليا ، ستدفع ثمنا غاليا لانفصال الجنوب ، ويكفي أن نلاحظ أسلوب مليس زيناوي رئيس وزراء أثيوبيا وهو يهدد مصر بأنها لا تستطيع أن تحارب بلاده ولا تمنعها من بناء السدود التي قد تحجز مزيدا من المياه عن مصر .. فأسلوبه ينم عن قراءه سابقة لموقف مصر الخامل نسبيا في معاجلة ملف المياه بقوة ، ولكن زيناوي سوف يندم بالتأكيد عندما يري ردا مصريا قويا لا مجرد تهدئته بان مصر لن تحارب | |
|