.في الوقت الذي تؤكد فيه معظم شركات الطيران الالمانية بان ضيق المسافات بين
المقاعد ليس السبب وراء اصابة الركاب في الدرجة السياحية عند سفرهم مسافات
طويلة بجلطات في القدم، يشير تقرير للمجلة الطبية الالمانية فلايت
انترناشيونال الى العكس.
فحسب تقرير المجلة السنوي فان اكثر من 2000 شخص سنويا في أوروبا هم ضحية
متلازمة الدرجة السياحية في الرحلات القارية ، وذلك بسبب امراض تتعلق
بالشرايين وضغط الدم لان الكثير من شركات الطيران لا تتوفر لديها الشروط
الصحية للمقاعد منها ضيق المكان وقلة المسافة بين المقعدين الخلفي والامامي
واعاقة تمديد المسافر لساقيه.
فهذه العوامل كلها تساهم في بطء عملية انسياب الدم في الساقين وعدم وصوله
الى أجزاء أخرى من الجسم وهو ما يتسبب تشنج العضلات أيضا. وهذا الوضع ينتج
عنه تعقيدات صحية كثيرة تؤدي لاحقا الى انسداد في الاوعية الدموية او
الجلطة الرئوية،لكن ذلك لا يظهر الا بعد فترة من الزمن، مما يعطي العذر
لشركات الطيران كي تنفي مسؤوليتها عن ما قد يحدث من عوارض صحية.
إلا ان التقرير انتقد ايضا بشدة مجلات طبية اخرى تلقي بكامل المسؤولية على
شركات الطيران. فهي تتحدث عن متلازمة الدرجة السياحية وتشير الى ما يصيب
مسافري هذا الدرجة من مشاكل صحية من دون التعمق في المسببات، مما يسبب
الهلع بينهم ويخدم فقط شركات الطيران التي تريد الترويج للدرجة الاولى. فما
يحدث لركاب الدرجة السياحية يمكن ان يحدث أيضا لغيرهم في الدرجة الاولى
اذا ما كان احدهم مصابا بتخثر الدم.
وذكر التقرير بامر مهم جدا وهو الجهد الذي يصيب المسافر في أي درجة كانت في
الرحلات القارية، منذ فترة الاقلاع وحتى الهبوط. فالطائرة تحلق اليوم على
ارتفاع شاهق جدا يتجاوز ال10 الاف متر، اي في اجواء لا يمكن للانسان البقاء
حيا دون قناع اوكسجين، ويرافق ذلك انخفاضا في الضغط داخل الطائرة وقلة
نسبة الرطوبة في الهواء مما يؤدي الى عوارض كثيرة منها جفاف الغشاء المخاطي
والعينين وخاصة لأصحاب العدسات اللاصقة ، لذا من المفيد جدا تناول المسافر
خلال الرحلة القارية كميات كبيرة من السوائل.
ومن النصائح التي يقدمها التقرير الطبي لمن يعاني من أمراض القلب او الرئة
ويريد القيام برحلة من جنوب القارة الى شمالها عدم اجهاد النفس قبل يومين
من السفر، ومن يتمتع بصحة جيدة من الافضل ان يذهب الى الحمام التركي او
السونا عدة مرات قبل أيام من السفر القاري ، فهذا سيكون بمثابة تمرين للجسم
على اختلاف درجات الحرارة، او اخذ دوش بارد وساخن لانه يقوي الدورة
الدموية لمواجهة تغيير ضغط الجو.
ومن النصائح التي قدمها أيضا التقرير لمسافري الرحلات القارية بغض النظر عن
الدرجة التي يسافرون فيها، وبالاخص من يكثر من هذ الرحلات بسبب العمل،
تناول حبة اسبرين من عيار منخفض قبل السفر بساعتين، فهي تساعد على تخفيف
لزاجة الدم وتقلل من احتمال الاصابة بجلطة ، لكن من الافضل سماع نصيحة
الطبيب خاصة لمن يشكو من مشاكل في المعدة.
وخلال رحلة قارية تدوم على سبيل المثال عشر ساعات يحتاج الجسم الى أكثر من
ثلاثة ليترات من السوائل، وهنا من الافضل عدم تناول القهوة والمشروبات
الروحية لانها تصّرف السوائل من الجسم. عدا عن ذلك فان السفر من قارة الى
اخرى يكون ايضا انتقالا من درجة حرارة الى اخرى، هنا فان الجسم بحاجة الى
وقت من اجل التأقلم مع هذه التغيير السريع الذي يشكل في نفس الوقت عبئاعلى
الدورة الدموية.
كما يشدد التقرير على ارتداء ملابس واسعة وخفيفة أثناء السفر تسمح لمفاصل
الساقين بحرية الحركة ولا تعيق الدورة الدموية ويستحسن انتعال حذاء خفيف
ولا بأس من خلعه بعد الجلوس في الطائرة. وقبل السفر من الأفضل التجول في
قاعة الانتظار الى حين إقلاع الطائرة وعدم الجلوس لساعات متواصلة.
وينصح بتحريك مفاصل القدمين والاصابع في حركات دائرية وتمديدهما بين الحين
والآخر، ويفضل تحريك الكتفين والرقبة عن طريق حركات موضعية وجانبية بقدر ما
يسمح به مجال الحركة المحدودة في المقعد. ويشجع الأطباء المسافرين على
التمشي حتى عشر دقائق كل ساعة طيران في الممر، وعدم وضع ساق فوق ساق عند
الجلوس لان ذلك يعيق حركة الدم.
ويشدد التقرير على كثرة شرب السوائل من اجل التغلب على جفاف الهواء داخل
الطائرة مع تقليل شرب القهوة والشاي لانها من المشروبات المدرة التي تفقد
الجسم مزيدا من السوائل في وقت يكون الجسم بحاجة لمزيد منها لكي يقاوم جفاف
الهواء، والامتناع عن المشروبات الروحية كي لا يصاب المسافر بالجفاف.