كيف نستقبل و نتعامل مع المولود الجديد

كثيرا
ما يغفل الوالدان الاعتناء بالجنين وهو في رحم أمه، ظنا منهم أنه لا يتأثر
بالعالم الخارجي، لكن معظم الدراسات تؤكد تأثره وتفاعله مع البيئة
المحيطة، كانزعاجه مثلا من الضجيج والضوضاء والتلوث البيئي حسب أحدث
الدراسات، كما يتأثر بالحالة النفسية للأم، حيث إن الهرمونات الناتجة عن
القلق والضغوط النفسية والتي تفرز في المشيمة تقلق راحة الجنين، وتزيد من
حركته وعدم استقراره، وبالتالي قد تسبب في بعض الاضطرابات السلوكية بعد
ذلك، وإذا زادت الضغوط النفسية عن الحد المعقول قد تسبب في كثير من أنواع
الإعاقات للطفل، خاصة وأنها تساهم في عسر الولادة. وصدق الرسول الكريم عليه
الصلاة والسلام في قوله "الشقي من شقي في بطن أمه".

إذن
فالاعتناء بالحالة النفسية للام يجب أن يكون من الأولويات التي يجب أن
يراعيها الأهل والأم نفسها، ويوعي بها أطباء النساء والولادة.
إضافة إلى تأثر الجنين بالحالة النفسية فأنه يتأثر بنوعية الغذاء الذي
تتناوله الأم، وبالحالة الجسمية والمستوى الصحي لها، لهذا كأم يجب على
المرأة الحامل مراعاة القواعد الصحية في الأكل، خاصة وأن ذلك يساعد في
إدرار اللبن بعد الولادة، ويسهل عملية الولادة، ولتسهيل هذه الأخيرة أي
عملية الولادة تنصح الحامل بمزاولة بعض التمرينات الرياضية التي يحددها لها
الطبيب، وهو شيء مهم تتكاسل معظم الحوامل عن القيام به.
بعد الولادة:
يشمل الاعتناء بالوليد بعد الولادة مراعاة القواعد الشرعية، والتي أظهرت فوائدها البحوث العلمية الحديثة:
1- حسن اختيار الاسم، وذلك لأن الإنسان يتأثر باسمه، وقد تهتز ثقته بنفسه إذا ما سمي اسما قبيحا، أو غير لائق في بيئته الاجتماعية.
2- الأذان في أذني الوليد، وهو أول ما يجب إسماعه للطفل حتى ينشأ على فطرة الإسلام.
3- تحنيك
الوليد بالتمر أو بما شابه، وقد أفادت الدراسات الحديثة أن الوليد يكون في
حاجة إلى نسبة معينة من السكريات، والتي إذا ما نقصت قد تضر به أو تؤدي
إلى وفاته، وهذا ما تقينا السنة الشريفة منه.
4- حلق
الشعر والطهارة أو الختان إذا ما كان ولداً، إلى غير ذلك من السنن التي
يمكن للوالدين استخراجها من مصادر كتحفة المولود لابن القيم الجوزية.
كما يشمل الاعتناء بالوليد غمره بالحنان من خلال ضمه وملاطفته باللمس أو
بالكلام والغناء له بصوت حنون، لأن الوليد حساس أكثر مما نتصور للبيئة من
حوله، وعدم ملاطفة الوليد تؤثر عليه سلبا عكس ما يدعيه البعض أن علاقة الأم
بالوليد يجب أن تقتصر على إرضاعه ووضعه على السرير، وتركه يبكي إذا ما كان
شبعان وحافظته نضيفة، فهذا التعامل الآلي مع الوليد أو الرضيع يخلق جفاء
ما بين الأم والطفل، فهو يحتاج إلى حضنها وإلى صوتها الحنون، وابتسامتها
و"ملاغاتها له".
أما العناية بغذاء الرضيع فتقتضي من الأم تناول أغذية صحية وسوائل كثيرة
تساعد على إدرار اللبن، كما ينصح البعض بتنظيم الرضعات، لكن أفادت الدراسات
أن الرضَّع الذين لم تنظم أمهاتهم الرضاعة، وأعطتهم متى أرادوا، حققوا
نموا مشابها، وأحيانا أفضل من الرضّع الذين نظمت لهم عملية الرضاعة.
كما يجب على المحيطين بالأم توفير الجو الهادئ للأم؛ لأن نفسيتها تؤثر على نفسية الرضيع.
إن الحديث عن الأم في العناية بالرضيع لا يلغي دور الأب، فبالإضافة إلى ما
يجب أن يوفره من جو آمن وهادئ للأم لأنها بعد الولادة تحتاج إلى دعم نفسي
كبير يجب أن يعتني نفسيا بالرضيع من خلال ضمه وملاطفته وحسن معاملته للأم
أيضا؛ حتى يشعر الطفل بدفء المشاعر في الأسرة، إذ أثبتت الدراسات الحديثة
أن دماغ الرضيع يتأثر فسيولوجيا، وتظهر عليه علامات سوداء إذا ما أخذت له
صور مقطعية تشير إلى تكون عقد في (العصبونات) التي تساهم في إمداد المخ
بالطاقة والغذاء، وذلك برؤية العنف في الأسرة أو بالتعامل معه - أي الرضيع-
بعنف، وهذا ما أشارت إليه السنة الشريفة عندما نبه الرسول صلى الله عليه وسلم أم الفضل رضي الله عنها عندما رجت الحسين رضي الله عنه عندما بال على ثوب الرسول صلى الله عليه وسلم قائلا"مهلا يا أم الفضل إن هذه الإراقة الماء يطهرها، فأي شيء يزيل هذا الغبار عن قلب الحسين".كما
تتطلب العناية بالرضيع الاطلاع على مصادر موثوقة، ككتب علم نفس النمو،
وكتب العناية بالرضيع خطوة خطوة، إضافة إلى استشارة الطبيب المختص، وعدم
الاعتماد على النصائح العشوائية؛ لأنها غالبا ما تؤدي إلى اضطراب الأم
والأب في التربية.
أخيراً: إن
التربية مسؤولية يجب أن يأخذها الوالدان بجدية وعن تعلم أي بالاطلاع،
ومعرفة خصائص كل مرحلة يمر طفلهم بها. والله ولي التوفيق.